الجمعة، 27 مايو 2011

قال الله تعالى :" وكلا وعد الله الحسنى " . وفي الحديث " وفي كل خير "

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : سبق درهم مائة ألف قالوا يا رسول الله وكيف قال رجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به ورجل له مال كثير فأخذ من عُرْض ماله مائة ألف فتصدق بها".


أخرجه النسائي 2527 ـ 2528 وفي الكبرى 2306 ــ 2307 وأحمد 8929 وابن خزيمة 2443 وابن حبان 3336 والحاكم 1/416، والبيهقي 4/181-182 وغيرهم


قلت : وجملة القول في الحديث أنه حديث حسن .


قوله "عرض ماله" بضم العين وسكون الراء، أي: جانبه. أهـ


فالنفس التي تجود بنصف ما تملك أو بكل مالها ، ولا يتبقى لها إلا درهم أو لا شيء ، خير بكثير ممن تنفق جزءا ضئيلا مما تملك ويتبقى لها المال الكثير مكنوزا ، فعوامل التصدق ودوافعه مختلفة منزلة في النفس متضادة ; فالدرهم في ذاته وماهيته من جنس الدراهم الأخرى ، لم تتفاوت الماهية ولا الجنس ، ولكن تفاوتت الدوافع والعوامل الحسية والمعنوية لإنفاقه ، ولعل المفاضلة المقصودة تكون من هذا القبيل أولى .


فسر البركة في الإنفاق استحضار نية الإنفاق فمن كانت خالصة لله أثمرت وأنبتت ولم تعد من قبيل الإسراف لأنها في محلها وفي مستحقها وسيعوض عليها مثله مثل التاجر ينتظر الربح , وماكان للمدح وثناء الناس فجزاؤه المدح والثناء , ويقال في حقه الإسراف إن لم يكن في محله ومستحقه .


والعاقل ممن منّ الله تعالى عليه بالمال والخير العميم أن يتفطن لمثل هذا وأن يعلم أن هذا الخير سيتركه لغيره فهو مستخلف فيه فإن عمل به خير بقي عنده ولمن بعده وإلا فإن الله تعالى سيذهبه منه . وفي الحديث الحسن عن نبينا صلى الله عليه وسلم :" إن لله قوما يختصهم بالنعم لمنافع العباد ويقرها فيهم ما بذلوها ، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم".


ولا شك عند أهل الإيمان أن الصديق أبا بكر، رضي الله عنه، أول من له الحظ الأوفر في الآية المذكورة والحديث السابق ونحوه من الأحاديث الحسان من هذه الأمة بعد الأنبياء ، فإنه سيّد من عمل بها من سائر أمم الأنبياء، فإنه أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله، عز وجل، ولم يكن لأحد عنده نعمة يجزيه بها.


والله تعالى أعلم

ليست هناك تعليقات:

الحقوق محفوظة. يتم التشغيل بواسطة Blogger.