الاثنين، 25 أبريل 2011

قول "لا إله إلا الله سبحان الله" عند التعجب والتعظيم

عن أم سلمة، قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: "سبحان الله، ماذا أنزل الليلة من الفتن، وماذا فتح من الخزائن، أيقظوا صواحبات الحجر، فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة". أخرجه البخاري 115 وزاد في لفظ 5844 في أوله :
"  استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول: "لا إله إلا الله...".

قوله "استيقظ" بمعنى تيقظ وليس السين فيه للطلب كما في قوله عليه السلام "إذا استيقظ أحدكم من منامه " ومعناه انتبه من النوم وهو فعل وفاعله النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله "ذات ليلة" أي في ليلة ولفظة ذات زائدة للتأكيد ويؤكد ذلك رواية البخاري 7069  قالت :"استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعا".
قوله: "عارية" بتخفيف الياء وهي مجرورة في أكثر الروايات على النعت، وقيل: ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ والجملة في موضع النعت، أي هي عارية والفعل الذي تتعلق به رب محذوف. انتهى. وأشار صلى الله عليه وسلم بذلك إلى موجب إيقاظ أزواجه، أي ينبغي لهن أن لا يتغافلن عن العبادة ويعتمدن على كونهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث جواز قول: "سبحان الله " عند التعجب، وندبية ذكر الله بعد الاستيقاظ وقول " لا إله إلا الله " ، وإيقاظ الرجل أهله بالليل أو العكس أو الأصحاب يوقظ بعضهم بعضا للعبادة لا سيما عند آية تحدث.
قوله : "أنزل" بضم الهمزة والمراد بالإنزال إعلام الملائكة بالأمر المقدور، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه في نومه ذاك بما سيقع بعده من الفتن فعبر عنه بالإنزال أوأنه رؤية رأها في المنام .
قوله: "وماذا فتح من الخزائن" قال الداودي: الثاني هو الأول، والشيء قد يعطف على نفسه تأكيدا، لأن ما يفتح من الخزائن يكون سببا للفتنة، وكأنه فهم أن المراد بالخزائن خزائن فارس والروم وغيرهما مما فتح على الصحابة، لكن المغايرة بين الخزائن والفتن أوضح لأنهما غير متلازمين، وكم من نائل من تلك الخزائن سالم من الفتن.
قوله: "صواحب الحجر" بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة وهي منازل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما خصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ، أو من باب " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول".وفيه التحريض على صلاة الليل، وعدم الإيجاب يؤخذ من ترك إلزامهن بذلك.
قوله : "فرب كاسية" استدل به ابن مالك على أن رب في الغالب للتكثير، لأن هذا الوصف للنساء وهن أكثر أهل النار انتهى.
قلت : والأصل فيها للتقليل ويمكن أن تأتي للتكثير كما ههنا .
ومعنى كاسية في الدنيا عارية في الآخرة كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا وقيل كاسية في الدنيا لكونها شفافة لا تستر عورتها فتعاقب في الآخرة بالعري جزاء على ذلك وقيل كاسية من النعم عارية من الشكر فهي عارية في الآخرة من الثواب.
وفيه إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يلبس الثياب الشفافة لأنه إذا حذر من لبسها من ظهور العورة كان أولى بصفة الكمال من غيره وقد نها عنها صلى الله عليه وسلم .
وفي الحديث استحباب الإسراع إلى الصلاة عند خشية الشر كما قال تعالى:"واستعينوا بالصبر والصلاة" وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وأمر من رأى في منامه ما يكره أن يصلي. وفيه التسبيح عند رؤية الأشياء المهولة، وفيه تحذير العالم من يأخذ عنه العلم من كل شيء يتوقع حصوله، والإرشاد إلى ما يدفع ذلك المحذور. والله أعلم.



هناك تعليقان (2):

سعيد محمد الشعشعي يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

شيخنا أبي عبدالله جزاك الله خيراً على ما تقوم به وجعله الله في ميزان حسناتك وبث فيك من الحماسة على نشر العلم ما يساعدك على ذلك والله ولي على ذلك والقدير

غير معرف يقول...

مقالة مميزة يا شيخ فلك الاجر والثواب ونرجوا منكم المزيد من هذه المقالات

الحقوق محفوظة. يتم التشغيل بواسطة Blogger.