الخميس، 21 أبريل 2011

قال الله تعالى :"ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله".

ـ عن أبي سعيد الخدري : أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة ؟ فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاه ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة ".

أخرجه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم لتمامه .
زاد مسلم قال قتادة فقال الحسن ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره.
وفي رواية عند مسلم "فلما كان في بعض الطريق أدركه الموت فنأى بصدره ثم مات فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فكان إلى القرية الصالحة أقرب منها بشبر فجعل من أهلها".
وفي رواية عندهما "فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي".
وفي رواية عند أحمد 11154وابن ماجه 2622عن أبي سعيد الخدري، قال: لا أحدثكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته أذناي ووعاه قلبي .

 وفي رواية عند أحمد 11687 :"فانتضى سيفه فقتله فكمل مائة".
وفي رواية عند أحمد 11687 وابن ماجه :"فخرج وعرض له أجله، فاختصم فيه ملائكة العذاب وملائكة الرحمة، قال إبليس: إنه لم يعصني ساعة قط، قالت ملائكة الرحمة: إنه خرج تائبا " فزعم حميد أن بكرا حدثه، عن أبي رافع قال: " فبعث الله ملكا فاختصما إليه " - رجع الحديث إلى حديث قتادة قال: - " انظروا إلى أي القريتين كان أقرب، فألحقوه بها " قال قتادة " فقرب الله منه القرية الصالحة، وباعد عنه  القرية الخبيثة، فألحقوه بأهلها ".


غريب الحديث:
" راهب" عابد من عباد بني إسرائيل. ففيه إشعار بأن ذلك كان بعد رفع عيسى عليه السلام، لأن الرهبانية إنما ابتدعها أتباعه كما نص عليه في القرآن.
" نصف الطريق " هو بتخفيف الصاد أي بلغ نصفها كذا قال النووي
" فانتضى" بالضاد المعجمة، أي: أخرجه من غمده.
"الخبيثة" ، أي: التي لا خير فيها في حق هذا الرجل.
"نأى بصدره ": بغير مد قبل الهمز، وبإشباعها بوزن سعى تقول نأى ينأي نأيا بعد، وعلى هذا فالمعنى فبعد على الأرض التي خرج منها. و"فناء" بنون ومد أي بعد، أو المعنى مال أو نهض مع تثاقل، فعلى هذا فالمعنى فمال إلى الأرض التي طلبها . ويحتمل أنها مدرجة في الحديث .
"احتفز بنفسه" : الباء للتعدية، أي: دفع نفسه إلى القرية الصالحة ليقرب منها بشيء، وهذا دليل على صدقه في عزيمته.
بعض ما يرشد إليه الحديث:
فضل العلم مع قلة العبادة على كثرة العبادة مع الجهل . وفيه إشارة إلى قلة فطنة الراهب، لأنه كان من حقه التحرز ممن اجترأ على القتل حتى صار له عادة بأن لا يواجهه بخلاف مراده وأن يستعمل معه المعاريض مداراة عن نفسه . اللهم إلا إن كان الراهب يعتقد عدم قبول توبة صاحب الكبيرة وذلك لجهله بالشرع .
وفيه أن هذا التائب قوي وممكن في الأرض .
وفيه الهجرة من دار العصيان ، ومقاطعة إخوان السوء ، واستبدالهم بصحبة أهل العلم بالكتاب والسنة وأهل الخير والصلاح .
وفيه دليل على أنَّ أن الحاكم أوالقاضي إذا تعارضت الأقوال عنده ، يحكم بالقرائن ففيه العمل بالتقدير والظن الغالب.
أن الذنوب وإن عظمت ، فعفو الله أعظم منها فالتوبة تجب ما قبلها.
وأن من صدق في توبته ، أقبل الله عليه وقبل توبته ، ولو لم يعمل خيرًا إذا عزم عليها .
للملائكة قدرة على التشكل وأنه تخفى عليهم بعض الأمور .والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

الحقوق محفوظة. يتم التشغيل بواسطة Blogger.