الخميس، 28 أبريل 2011

عدد التكبيرات على الجنازة ويرفع في الأولى يديه بالإجماع وفيه أحاديث بمجموعها جيده في الشواهد واختلفوا بعد الأولى في الرفع . ويضع اليد اليمنى على اليسرى وفيها حديث ضعيف وتقاس على الصلاة لأنها صلاة وعليه عمل المسلمين.

ــ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربع تكبيرات .
البخاري 1333 باب التكبير على الجنازة أربعا . ومسلم 951  وله شاهد عن جابر عند البخاري 1334 ومسلم 952

ــ عن الشيباني عن الشعبي : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى على قبر بعد ما دفن فكبر عليه أربعا.
 قال الشيباني فقلت للشعبي من حدثك بهذا ؟ قال الثقة عبدالله بن عباس. هذا لفظُ حديثِ حسنٍ ـ شيخ الإمام مسلم ـ وفي رواية ابن نمير قال انتهى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى قبر رطب فصلى عليه وصفوا خلفه وكبر أربعا قلت لعامر من حدثك ؟ قال الثقة من شهده ابن عباس .
أخرجه مسلم 954
ـ عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : كان زيد يكبر على جنائزنا أربعا. وإنه كبر على جنازة خمسا فسألته فقال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكبرها .
أخرجه مسلم 957
ــ عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف الأنصارى أن بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبره : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم ويتبع جنائزهم ولا يصلى عليهم أحد غيره ، وأن امرأة مسكينة من أهل العوالى طال سقمها فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل عنها من حضرها من جيرانها وأمرهم أن لا يدفنوها إن حدث بها حدث فيصلى عليها فتوفيت تلك المرأة ليلا ، فاحتملوها فأتوا بها مع الجنائز أو قال موضع الجنائز عند مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصلي عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أمرهم. فوجدوه قد نام بعد صلاة العشاء فكرهوا أن يهجدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من نومه فصلوا عليها ، ثم انطلقوا بها.
فلما أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سأل عنها من حضره من جيرانها فأخبروه خبرها وأنهم كرهوا أن يهجدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لها فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" ولم فعلتم؟ انطلقوا ". فانطلقوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى قاموا على قبرها فصفوا وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يصف للصلاة على الجنائز فصلى عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكبر أربعا كما يكبر على الجنائز.
البيهقي في السنن 4 / 48 وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبى عمرو قالا حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا بشر بن بكر حدثنى الأوزاعى أخبرنى ابن شهاب عنه ... به .
قلت : سنده صحيح  وهجد يهجد، أي:
نام  ليلاً، وهجد وتهجد، أي: سهر، وهو من الأضداد.

ــ عن يزيد بن ثابت : أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم فرأى قبرا جديدا فقال ما هذا قالوا هذه فلانة مولاة بني فلان فعرفها رسول الله صلى الله عليه و سلم ماتت ظهرا وأنت نائم قائل فلم نحب أن نوقظك بها فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم وصف الناس خلفه وكبر عليها أربعا ثم قال لا يموت فيكم ميت ما دمت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي له رحمة.
النسائي 2022  أخبرنا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا عثمان بن حكيم عن خارجة بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد ... به .
قلت : وسنده جيد ولا يضر الكلام في انقطاعه .
ــ عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر يوم أحد بحمزة فسجى ببرده ... ثم صلى عليه فكبر تسع تكبيرات ثم أتى بالقتلى يصفون ويصلى عليهم وعليه معهم . الطحاوي في شرح معاني الآثار 1 /503  حدثنا فهد قال ثنا يوسف بن بهلول قال ثنا عبد الله بن إدريس عن بن إسحاق قال حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه يعنى عن ... به عنه .
 قلت وسنده حسن  ذكره الطحاوي في باب الصلاة على الشهداء سجي أي غطى وستر وبردة نوع من الثياب .
ــ عن ابن مسعود، أن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين، يجهزن على جرحى المشركين، فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر : إنه ليس أحد منا يريد الدنيا، حتى أنزل الله عز وجل: "منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة، ثم صرفكم عنهم ليبتليكم" فلما خالف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعصوا ما أمروا به، أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسعة: سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش وهو عاشرهم، فلما رهقوه ، قال: " رحم الله رجلا ردهم عنا "، قال: فقام رجل من الأنصار، فقاتل ساعة حتى قتل، فلما رهقوه  أيضا، قال: " يرحم الله رجلا ردهم عنا "، فلم يزل يقول ذا، حتى قتل السبعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبيه: " ما أنصفنا أصحابنا " فجاء أبو سفيان، فقال: اعل هبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا الله أعلى وأجل "، فقالوا: الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان: لنا عزى، ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا الله مولانا ، والكافرون لا مولى لهم "، ثم قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر يوم لنا، ويوم علينا، ويوم نساء، ويوم نسر، حنظلة بحنظلة، وفلان بفلان، وفلان بفلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا سواء، أما قتلانا فأحياء يرزقون، وقتلاكم في النار يعذبون "، قال أبو سفيان: قد كانت في القوم مثلة ، وإن كانت لعن غير ملأ منا، ما أمرت ولا نهيت، ولا أحببت، ولا كرهت، ولا ساءني ، ولا سرني، قال: فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه، وأخذت هند كبده فلاكتها ، فلم تستطع أن تأكلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أأكلت منه شيئا " قالوا: لا . قال: " ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار "، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حمزة، فصلى عليه، وجيء  برجل من الأنصار، فوضع إلى جنبه، فصلى عليه، فرفع الأنصاري، وترك حمزة، ثم جيء بآخر فوضعه إلى جنب حمزة فصلى عليه، ثم رفع، وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة.
أحمد 4414  حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا عطاء بن السائب، عن الشعبي عنه ... به .
قلت وسنده جيد وسماع حماد من عطاء قبل الإختلاط والحديث من مراسيل الشعبي وهي جيده . قوله: يجهزن:  جهز على الجريح، كمنع، وأجهز: أثبت قتله، وأسرعه، وتمم عليه.
فلو حلفت: يريد أن مدار البر في الحلف على الظن: وكنت أظن يومئذ أنه ليس أحد في الصحابة يريد الدنيا، فلو حلفت عليه لكنت بارا فيه.
رهقوه، أي: المشركون غشوه.
ما أنصفنا: بسكون الفاء، أي: حيث ما خرج من المهاجرين أحد، بل كلهم خرجوا من الأنصار، فقتلوا. قال النووي: الرواية المشهورة فيه: ما أنصفنا، بإسكان الفاء، وأصحابنا: منصوب مفعول به، هكذا ضبطه جماهير العلماء من المتقدمين والمتأخرين. ومعناه: ما أنصفت قريش الأنصار، لكون القرشيين لم يخرجا للقتال، بل خرجت الأنصار واحد بعد واحد. وذكر القاضي عياض وغيره أن بعضهم رواه: ما أنصفنا بفتح الفاء، والمراد على هذا الذين فروا من القتال، فإنهم لم ينصفوا لفرارهم.
عن غير ملأ منا، أي: غير تشاور من أشرافنا وجماعتنا.
بقر، أي: شق وفتح.
فلاكتها، أي: مضغتها.
ــ  عن أبي أمامة أنه قال : السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة ثم يكبر ثلاثا والتسليم عند الآخرة .
النسائي 1989  أخبرنا قتيبة قال حدثنا الليث عن بن شهاب عنه ... به . وسنده صحيح . وأخرجه الطحاوي 1/ 500 بسند جيد قال حدثنا بن أبى داود قال ثنا أبو اليمان قال ثنا شعيب عن الزهرى قال أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف وكان من كبراء الأنصار وعلمائهم وأبناء الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أخبره : أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الامام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب سرا في نفسه ثم يختم الصلاة في التكبيرات الثلاث قال الزهرى فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من ذلك لمحمد بن سويد الفهري فقال وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن
مسلمة في الصلاة على الجنازة مثل الذي حدثك أبو أمامة.
وأخرجه البيهقي 4 /40 من طريق أخرى عن ابن شهاب .
ــ  عن عبد الله بن أبى أوفى قال : شهدته وكبر على جنازة أربعا ، ثم قام ساعة يعنى يدعو ثم قال : أترونى كنت أكبر خمسا قالوا : لا قال إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكبر أربعا.
أخرجه البيهقي 4 /35  أخبرنا أبو بكر : أحمد بن الحسن القاضى ومحمد بن عبد الله الحافظ قالا حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب حدثنا السرى بن يحيى حدثنا قبيصة حدثنا الحسن بن صالح عن أبى يعفور عنه ... به .
قلت : وسنده حسن .
ــ عن عبد الله بن معقل : أن عليا رضي الله عنه صلى على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا ثم التفت إلينا فقال : إنه من أهل بدر.
أخرجه الحاكم 3/ 409 أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة ثنا إسحاق بن إبراهيم أنا عبد الرزاق أنا ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عنه ... به .
قلت وسنده جيد ولم يتفرد به عبد الرزاق
وقال ابن حزم غاية في الصحة .
وأخرج البيهقي فقال وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا على بن عمر الحافظ أخبرنا الحسين بن إسماعيل حدثنا أبو هشام حدثنا حفص عن عبد الملك بن سلع عن عبد خير عن على رضى الله عنه : أنه كان يكبر على أهل بدر ستا وعلى أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- خمسا وعلى سائر الناس أربعا.



الاثنين، 25 أبريل 2011

قول "لا إله إلا الله سبحان الله" عند التعجب والتعظيم

عن أم سلمة، قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: "سبحان الله، ماذا أنزل الليلة من الفتن، وماذا فتح من الخزائن، أيقظوا صواحبات الحجر، فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة". أخرجه البخاري 115 وزاد في لفظ 5844 في أوله :
"  استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول: "لا إله إلا الله...".

قوله "استيقظ" بمعنى تيقظ وليس السين فيه للطلب كما في قوله عليه السلام "إذا استيقظ أحدكم من منامه " ومعناه انتبه من النوم وهو فعل وفاعله النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله "ذات ليلة" أي في ليلة ولفظة ذات زائدة للتأكيد ويؤكد ذلك رواية البخاري 7069  قالت :"استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعا".
قوله: "عارية" بتخفيف الياء وهي مجرورة في أكثر الروايات على النعت، وقيل: ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ والجملة في موضع النعت، أي هي عارية والفعل الذي تتعلق به رب محذوف. انتهى. وأشار صلى الله عليه وسلم بذلك إلى موجب إيقاظ أزواجه، أي ينبغي لهن أن لا يتغافلن عن العبادة ويعتمدن على كونهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث جواز قول: "سبحان الله " عند التعجب، وندبية ذكر الله بعد الاستيقاظ وقول " لا إله إلا الله " ، وإيقاظ الرجل أهله بالليل أو العكس أو الأصحاب يوقظ بعضهم بعضا للعبادة لا سيما عند آية تحدث.
قوله : "أنزل" بضم الهمزة والمراد بالإنزال إعلام الملائكة بالأمر المقدور، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه في نومه ذاك بما سيقع بعده من الفتن فعبر عنه بالإنزال أوأنه رؤية رأها في المنام .
قوله: "وماذا فتح من الخزائن" قال الداودي: الثاني هو الأول، والشيء قد يعطف على نفسه تأكيدا، لأن ما يفتح من الخزائن يكون سببا للفتنة، وكأنه فهم أن المراد بالخزائن خزائن فارس والروم وغيرهما مما فتح على الصحابة، لكن المغايرة بين الخزائن والفتن أوضح لأنهما غير متلازمين، وكم من نائل من تلك الخزائن سالم من الفتن.
قوله: "صواحب الحجر" بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة وهي منازل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما خصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ، أو من باب " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول".وفيه التحريض على صلاة الليل، وعدم الإيجاب يؤخذ من ترك إلزامهن بذلك.
قوله : "فرب كاسية" استدل به ابن مالك على أن رب في الغالب للتكثير، لأن هذا الوصف للنساء وهن أكثر أهل النار انتهى.
قلت : والأصل فيها للتقليل ويمكن أن تأتي للتكثير كما ههنا .
ومعنى كاسية في الدنيا عارية في الآخرة كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا وقيل كاسية في الدنيا لكونها شفافة لا تستر عورتها فتعاقب في الآخرة بالعري جزاء على ذلك وقيل كاسية من النعم عارية من الشكر فهي عارية في الآخرة من الثواب.
وفيه إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يلبس الثياب الشفافة لأنه إذا حذر من لبسها من ظهور العورة كان أولى بصفة الكمال من غيره وقد نها عنها صلى الله عليه وسلم .
وفي الحديث استحباب الإسراع إلى الصلاة عند خشية الشر كما قال تعالى:"واستعينوا بالصبر والصلاة" وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وأمر من رأى في منامه ما يكره أن يصلي. وفيه التسبيح عند رؤية الأشياء المهولة، وفيه تحذير العالم من يأخذ عنه العلم من كل شيء يتوقع حصوله، والإرشاد إلى ما يدفع ذلك المحذور. والله أعلم.



الخميس، 21 أبريل 2011

قال الله تعالى :"ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله".

ـ عن أبي سعيد الخدري : أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة ؟ فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاه ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة ".

أخرجه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم لتمامه .
زاد مسلم قال قتادة فقال الحسن ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره.
وفي رواية عند مسلم "فلما كان في بعض الطريق أدركه الموت فنأى بصدره ثم مات فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فكان إلى القرية الصالحة أقرب منها بشبر فجعل من أهلها".
وفي رواية عندهما "فأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي".
وفي رواية عند أحمد 11154وابن ماجه 2622عن أبي سعيد الخدري، قال: لا أحدثكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته أذناي ووعاه قلبي .

 وفي رواية عند أحمد 11687 :"فانتضى سيفه فقتله فكمل مائة".
وفي رواية عند أحمد 11687 وابن ماجه :"فخرج وعرض له أجله، فاختصم فيه ملائكة العذاب وملائكة الرحمة، قال إبليس: إنه لم يعصني ساعة قط، قالت ملائكة الرحمة: إنه خرج تائبا " فزعم حميد أن بكرا حدثه، عن أبي رافع قال: " فبعث الله ملكا فاختصما إليه " - رجع الحديث إلى حديث قتادة قال: - " انظروا إلى أي القريتين كان أقرب، فألحقوه بها " قال قتادة " فقرب الله منه القرية الصالحة، وباعد عنه  القرية الخبيثة، فألحقوه بأهلها ".


غريب الحديث:
" راهب" عابد من عباد بني إسرائيل. ففيه إشعار بأن ذلك كان بعد رفع عيسى عليه السلام، لأن الرهبانية إنما ابتدعها أتباعه كما نص عليه في القرآن.
" نصف الطريق " هو بتخفيف الصاد أي بلغ نصفها كذا قال النووي
" فانتضى" بالضاد المعجمة، أي: أخرجه من غمده.
"الخبيثة" ، أي: التي لا خير فيها في حق هذا الرجل.
"نأى بصدره ": بغير مد قبل الهمز، وبإشباعها بوزن سعى تقول نأى ينأي نأيا بعد، وعلى هذا فالمعنى فبعد على الأرض التي خرج منها. و"فناء" بنون ومد أي بعد، أو المعنى مال أو نهض مع تثاقل، فعلى هذا فالمعنى فمال إلى الأرض التي طلبها . ويحتمل أنها مدرجة في الحديث .
"احتفز بنفسه" : الباء للتعدية، أي: دفع نفسه إلى القرية الصالحة ليقرب منها بشيء، وهذا دليل على صدقه في عزيمته.
بعض ما يرشد إليه الحديث:
فضل العلم مع قلة العبادة على كثرة العبادة مع الجهل . وفيه إشارة إلى قلة فطنة الراهب، لأنه كان من حقه التحرز ممن اجترأ على القتل حتى صار له عادة بأن لا يواجهه بخلاف مراده وأن يستعمل معه المعاريض مداراة عن نفسه . اللهم إلا إن كان الراهب يعتقد عدم قبول توبة صاحب الكبيرة وذلك لجهله بالشرع .
وفيه أن هذا التائب قوي وممكن في الأرض .
وفيه الهجرة من دار العصيان ، ومقاطعة إخوان السوء ، واستبدالهم بصحبة أهل العلم بالكتاب والسنة وأهل الخير والصلاح .
وفيه دليل على أنَّ أن الحاكم أوالقاضي إذا تعارضت الأقوال عنده ، يحكم بالقرائن ففيه العمل بالتقدير والظن الغالب.
أن الذنوب وإن عظمت ، فعفو الله أعظم منها فالتوبة تجب ما قبلها.
وأن من صدق في توبته ، أقبل الله عليه وقبل توبته ، ولو لم يعمل خيرًا إذا عزم عليها .
للملائكة قدرة على التشكل وأنه تخفى عليهم بعض الأمور .والله أعلم

الثلاثاء، 19 أبريل 2011

فضل مجالس وحلق الحديث النبوي

عن أبي واقد الليثي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أحدهما: فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر: فجلس خلفهم، وأما الثالث: فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه".
أخرجه البخاري 66 ومسلم 2176
قوله: "عن أبي واقد" صاحب النبِي صلى الله عليه وسلم.
سَماهُ البخَارِي وغيْره: الحارث بن عوف.الحارث بن مالك، وقيل ابن عوف، وقيل عوف بن الحارث، ,و قال البخاري وغيره شهد بدرا ,قال ابن حجر :وليس له في البخاري غير هذا الحديث. قلت :وهو كما قال .
قوله "في المسجد والناس" المراد المسجد النبوي والناس المراد بهم الصحابة .
قوله: "ثلاثة نفر" النفر بالتحريك للرجال من ثلاثة إلى عشرة، والنفر اسم جمع ولهذا وقع مميزا للجمع كقوله تعالى :"تسعة رهط" قوله: "فأقبل اثنان" بعد قوله: "أقبل ثلاثة " هما إقبالان، كأنهم أقبلوا أولا من الطريق فدخلوا المسجد مارين فإذا ثلاثة نفر يمرون، فلما رأوا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم أقبل إليه اثنان منهم واستمر الثالث ذاهبا.
ويدل له حديث أنس عند الحاكم والبزار والضياء بإسناد لا بأس به , أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يعظ أصحابه فإذا ثلاثة نفر يمرون فجاء أحدهم فجلس إلى النبي صلى الله عليه و سلم و مضى الثاني قليلا ثم جلس و أما الثالث فمضى على وجهه فقال النبي صلى الله عليه و سلم :" أما هذا الذي فجلس إلينا فإنه تاب فتاب الله عليه و أما الذي مضى قليلا ثم جلس فإنه استحي فاستحي الله منه وأما الذي مضى على وجهه فإنه استغنى فاستغنى الله عنه".  
قال الحافظ :ولم أقف في شيء من طرق هذا الحديث على تسمية واحد من الثلاثة المذكورين.
قوله: "فوقفا" زاد مالك في الموطأ والترمذي : "فلما وقفاسلما " ويستفاد منه أن الداخل يبدأ بالسلام، وأن القائم يسلم على القاعد، وإنما لم يذكر رد السلام عليهما اكتفاء بشهرته، أو يستفاد منه أن المستغرق في العبادة يسقط عنه الرد. ولم يذكر أنهما صليا تحية المسجد إما لكون ذلك كان قبل أن تشرع أو كانا على غير وضوء أو وقع فلم ينقل للاهتمام بغير ذلك من القصة أو كان في وقت كراهة ،أو أنها ليست واجبة .
قوله: "فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي على مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أو " على " بمعنى عند.
قوله: "فرجة" بالضم والفتح معا هي الخلل بين الشيئين. والحلقة بإسكان اللام كل شيء مستدير خالي الوسط والجمع حلق بفتحتين، وحكي فتح اللام في الواحد وهو نادر.
وفيه استحباب التحليق في مجالس الذكر والعلم، وفيه أن من سبق إلى موضع منها كان أحق به.
قوله: "وأما الآخر" بفتح الخاء المعجمة، وفيه رد على من زعم أنه يختص بالأخير لإطلاقه هنا على الثاني.
قوله: "فأوى إلى الله فآواه الله" قال القرطبي وكذا قال النووي : الرواية الصحيحة بقصر الأول ومد الثاني وهو المشهور في اللغة، وفي القرآن :"إذ أوى الفتية إلى الكهف". بالقصر، وقال الله تعالى: "وآويناهما إلى ربوة" بالمد، وحكي في اللغة القصر والمد معا فيهما. ومعنى أوى إلى الله لجأ إلى الله، أو على الحذف أي انضم إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعنى فآواه الله أي جازاه بنظير فعله بأن ضمه إلى رحمته ورضوانه. وفيه استحباب الأدب في مجالس العلم وفضل سد خلل الحلقة، كما ورد الترغيب في سد خلل الصفوف في الصلاة، وجواز التخطي لسد الخلل ما لم يؤذ، فإن خشي استحب الجلوس حيث ينتهي كما فعل الثاني. وفيه الثناء على من زاحم في طلب الخير.
قوله: "فاستحيا" أي ترك المزاحمة كما فعل رفيقه حياء من النبي صلى الله عليه وسلم وممن حضر ، وقد بين أنس في روايته سبب استحياء هذا الثاني فلفظه عند الحاكم: "ومضى الثاني قليلا ثم جاء فجلس " فالمعنى أنه استحيا من الذهاب عن المجلس كما فعل رفيقه الثالث.
قوله: "فاستحيا الله منه" أي رحمه ولم يعاقبه.
قوله: "فأعرض الله عنه" أي سخط عليه، وهو محمول على من ذهب معرضا عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا لعذر، هذا إن كان مسلما، ويحتمل أن يكون منافقا، واطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أمره، كما يحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: "فأعرض الله عنه " إخبارا أو دعاء.ووقع في حديث أنس :" وأما الذي مضى على وجهه فإنه استغنى فاستغنى الله عنه". وهذا يرشح كونه خبرا. وهل هو في حق من أعرض عن مجلس العلم الذي يعلم فيه القرآن والسنة وقوال سلف الأمة من الصحابة ومن تبعهم . إن كان استكبارا فنعم وإلا فهو مفرط في خير كثير .
وفيه جواز الإخبار عن أهل المعاصي وأحوالهم للزجر عنها وأن ذلك لا يعد من الغيبة، وفي الحديث فضل ملازمة حلق العلم والذكر وجلوس العالم فيه لأصحابه وغيرهم في موضع بارز ظاهر للناس والمسجد أفضل فيذاكرهم العلم والخير ، وفيه الثناء على المستحي. والجلوس حيث ينتهي به المجلس والجالس فيها أفضل.
وكل ما وقع من الصفات فالصحيح في مذهب السلف عدم تأويلها إلا بنص من كتاب أوسنة فقط مع علمنا بلغتها والخوض بغير الذي ذكرت خوض في الغيب بلا حجة ولا برهان قال الله تعالى :" ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا " .
والله تعالى أعلم.


السبت، 16 أبريل 2011

الحذر من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجْ النَّارَ" .  
البخاري 106 ومسلم في المقدمة 1 لكن قال : " يلج النار " .
قلت : وربعي بكسر أوله وإسكان الموحدة، وأبوه حراش بكسر المهملة أوله . وليس في الصحيحين حراش بالحاء المهملة سواه ومن عداه بالمعجمة وهو ربعى بن حراش بن جحش العبسى بالموحده الكوفى أبو مريم أخو مسعود الذى تكلم بعد الموت وأخوهما ربيع وربعى تابعى كبير جليل لم يكذب قط وحلف أنه لا يضحك حتى يعلم أين مصيره فما ضحك الا بعد موته وكذلك حلف أخوه ربيع أن لا يضحك حتى يعلم أفى الجنة هو أو في النار قال غاسله فلم يزل متبسما على سريره ونحن نغسله حتى فرغنا توفى ربعى سنة احدى ومائة وقيل سنة أربع ومائة وقيل توفى في ولاية الحجاج ومات الحجاج سنة خمس وتسعين

وقوله: "سمعت عليا" هو أمير المؤمنين ، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو الحسنين. و هو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأول الناس إسلاما في قول الكثير من أهل العلم، ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، فربي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفارقه. وشهد معه المشاهد إلا غزوة تبوك، فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ "، وزوجه بنته فاطمة رضي الله عنها ، وكان اللواء بيده في أكثر المشاهد، ومناقبه كثيرة، حتى قال الإمام أحمد: لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي.أهـ قتل ليلة السابع عشر من شهر رمضان، سنة أربعين من الهجرة. غلت فيه الرافضة وعلي رضي الله عنه غني عنهم .
وقوله : "لا تكذبوا علي" نهي بصيغة الجمع وهو عام في كل كاذب، مطلق في كل نوع من الكذب، ومعناه لا تنسبوا الكذب إلي. ولا مفهوم لقوله: "علي " لأنه لا يتصور أن يكذب له لنهيه عن مطلق الكذب. فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح باجماع المسلمين الذين يعتد بهم فى الاجماع ولا يعتد بمن خالف ذلك من الكرامية حيث جوزوا وضع الكذب في الترغيب والترهيب في تثبيت ما ورد في القرآن والسنة واحتجوا بأنه كذب له لا عليه، وهو جهل باللغة العربية. وتمسك بعضهم بما ورد في بعض طرق الحديث من زيادة لم تثبت وهي بلفظ: "من كذب علي ليضل به الناس " الحديث، وقد اختلف في وصله وإرساله، ورجح الدارقطني والحاكم إرساله،
وأجيب أيضا بأن قوله ليضل به الناس مما اتفق الحفاظ على أنها زيادة ضعيفة قاله الصنعاني في توضيح الأفكار .
قلت : ولا شك عندي في شذوذها وعلى تقدير ثبوته فليست اللام فيه للتعليل بل للصيرورة و العاقبة كما فسر قوله تعالى :{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ} والمعنى أن مآل أمره إلى الإضلال، أو هو من تخصيص بعض أفراد العموم بالذكر فلا مفهوم له كقوله تعالى :{لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} - {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} فإن قتل الأولاد ومضاعفة الربا والإضلال في هذه الآيات إنما هو لتأكيد الأمر فيها لا لاختصاص الحكم.
وسها ابن حجر في قوله : وأخرجه الدارمي من حديث يعلى بن مرة بسند ضعيف، قلت الزيادة ليضل به الناس ليست موجودة عند الدارمي .
وعلى الصواب قال في الأربعين المتباينة : ورواه الدارمي عن محمد بن حميد بهذا الإسناد دون قوله ليضل به الناس .
قلت : وقوله هذا أزال إحتمال إختلاف نسخ الدارمي أو خطأ الطابع.

الأربعاء، 13 أبريل 2011

السيرة الشخصية

أحمد بن سعيد بن أحمد المسسهلي الكثيري

ولدت صرب سنة 1969م بجبل طيطام ظفار سلطنة عمان 
إلتحقت بالمعهد العلمي 1982 م ـ 1983 م 
تخرجت من المعهد العلمي 1989 م ـ 1990م 

تخرجت من كلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 


إشتغلت بالحديث تخريجا وفقها ودراسة من 1985م 

أسال الله التوفيق وخدمة سنة محمد صلى الله عليه وسلم
اللهم اغفر لوالدي ولشيوخي ولمن علمني واستفدت منه
يا الله يا كريم
الحقوق محفوظة. يتم التشغيل بواسطة Blogger.